- على الدول المعنية بالضرر الجسدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي الشديد الناجم عن استخدام الأسلحة الحارقة العمل على تعزيز القانون الدولي الذي ينظم هذه الأسلحة.
- تسبب الأسلحة الحارقة حروقا شديدة وأضرارا في الجهاز التنفسي ومعاناة مدى الحياة. استُخدمت هذا العام في قطاع غزة ولبنان وأوكرانيا وسوريا، وفي السنوات الـ 15 الماضية في أفغانستان والعراق واليمن.
- البروتوكول الثالث لـ "اتفاقية الأسلحة التقليدية"، المعاهدة الذي ينظم هذه الأسلحة، تشوبه عيوب فادحة. على الدول المعنية عقد محادثات في اجتماع الاتفاقية القادم وما بعده للنظر في التدابير الوطنية والدولية لمعالجة المشاكل التي تسببها الأسلحة الحارقة.
(جنيف) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير نُشر اليوم إن الدول المعنية بالضرر الجسدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي الشديد الناجم عن استخدام الأسلحة الحارقة يجب أن تعمل على تعزيز القانون الدولي الذي ينظم استخدام هذه الأسلحة. ينبغي للدول الأطراف في "اتفاقية الأسلحة التقليدية" إدانة استخدام الأسلحة الحارقة، والموافقة على تقييم مدى كفاية البروتوكول الثالث للاتفاقية بشأن الأسلحة الحارقة عندما تعقد اجتماعها السنوي في "الأمم المتحدة" في جنيف من 13 إلى 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
يتناول التقرير الصادر في 28 صفحة بعنوان: "أكثر من حارقة: تداعيات استخدام الأسلحة الحارقة والدعوات المتصاعدة إلى تحرك دولي"، استخدام الأسلحة الحارقة مؤخرا في النزاعات المسلحة وتأثيراتها واسعة النطاق. تقدم هيومن رايتس ووتش دراسات حالة لاستخدام الجيش الإسرائيلي الفوسفور الأبيض – وهو سلاح له تأثيرات حارقة – في قطاع غزة ولبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، واستخدام أنواع أخرى من الأسلحة الحارقة في أوكرانيا وسوريا. كما تفصّل هيومن رايتس ووتش الاهتمام المتزايد من دول كثيرة بمعالجة المخاوف الإنسانية المتعددة التي تثيرها الأسلحة الحارقة.
قالت بوني دوكرتي، المستشارة الأولى للأسلحة في هيومن رايتس ووتش ومؤلفة التقرير: "تُستخدم الأسلحة الحارقة في عديد من النزاعات، ما يعرض حياة المدنيين وسبل عيشهم للخطر. على الحكومات اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية والبيئة من الآثار المروعة لهذه الأسلحة".
الأسلحة الحارقة من أكثر الأسلحة قسوة في الحرب الحديثة. فهي تسبب حروقا شديدة، وأضرارا في الجهاز التنفسي، وصدمات نفسية. يتسبب حرق المنازل والبنية التحتية والمحاصيل بأضرار اجتماعية واقتصادية وأضرار بيئية. غالبا ما يعاني الناجون منها مدى الحياة.
يستند التقرير إلى مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ناجين وأخصائيين طبيين وأعضاء مجموعات المجتمع المدني وصفوا آثار استخدام الأسلحة الحارقة.
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، استخدم الجيش الإسرائيلي ذخائر الفسفور الأبيض التي تنفجر في الهواء وتُطلق من الأرض في المناطق المأهولة بالسكان في لبنان وغزة، كما تظهر أدلة الفيديو والصور. تحققت هيومن رايتس ووتش من استخدام القوات الإسرائيلية ذخائر الفوسفور الأبيض في 17 قرية وبلدة على الأقل، خمسٌ منها استُخدمت فيها ذخائر تنفجر في الهواء بشكل غير قانوني فوق مناطق مأهولة بالسكان في جنوب لبنان بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويونيو/حزيران 2024.
يستمر استخدام الأسلحة الحارقة التي تطلق من الأرض ومن الجو في أوكرانيا. من غير الممكن تحديد المسؤولية عن هذا الاستخدام، ولكن روسيا وأوكرانيا تمتلكان نفس أنواع الصواريخ الحارقة المستخدمة في الهجمات. كما استخدم الجانبان طائرات مسيّرة لإطلاق الذخائر الحارقة في ساحة المعركة، منها نوع يُسمى عموما "مسيّرات التنين". تحلّق هذه المسيّرة فوق المنطقة المستهدفة وتنشر "الثرميت" أو مركّبا حارقا مماثلا يحترق بدرجات حرارة عالية جدا، وينشر شرارات أو غاز ساخن بعد الاشتعال.
تواصل قوات الحكومة السورية استخدام الأسلحة الحارقة التي تطلق من الأرض في سوريا. على مدى العقد الماضي، وثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا استخدام الأسلحة الحارقة في أفغانستان والعراق واليمن.
انضمّت بالمجمل 117 دولة إلى البروتوكول الثالث بشأن الأسلحة الحارقة لاتفاقية الأسلحة التقليدية، لكنه يحتوي ثغرتين تقوّضان قدرته على حماية المدنيين. أولا، يستثني تعريف البروتوكول الذخائر متعددة الأغراض، وخاصة الفسفور الأبيض، والتي ليست "مصممة بشكل رئيسي" لإشعال الحرائق أو حرق الناس، ولكنها تسبب نفس التأثيرات الحارقة الرهيبة. ثانيا، يحتوي البروتوكول على تعليمات أضعف للأسلحة الحارقة التي يتم إطلاقها من الأرض مقارنة بالأسلحة التي يتم إسقاطها من الجو.
في لبنان وحده، نزح مئات المدنيين بعد هجمات الفسفور الأبيض. واجه الناجون مشاكل صحية، منها تلف الجهاز التنفسي، بعد أشهر من تعرضهم للأسلحة الحارقة. أحرق الفسفور الأبيض بساتين الزيتون والمحاصيل الأخرى، ما أدى إلى تدمير سبل عيش المزارعين والتأثير على المجتمعات المحلية. كما هدد الفسفور الأبيض البيئة لأن النار والدخان يمكن أن يضرّا بالحياة البرية، ويدمران مواطن الحياة الطبيعية، ويؤثران على جودة التربة والمياه والهواء. يمكن أن تنتج المواد الكيميائية السامة تلوثا خطيرا في حالات معينة.
تزايَد الزخم لمعالجة المخاوف بشأن الأسلحة الحارقة في السنوات الأخيرة. في الاجتماع الأخير لاتفاقية الأسلحة التقليدية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، انتقدت أكثر من 100 دولة العواقب الإنسانية لاستخدام الأسلحة الحارقة ودعت إلى بدء مناقشات لمعالجة هذه المخاوف.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للدول الأطراف في المعاهدة أن تبدأ مشاورات غير رسمية لتقييم مدى كفاية البروتوكول الثالث على الأقل والسعي إلى وضع معايير دولية أقوى. كما ينبغي لها عقد محادثات خارج اجتماع المعاهدة للنظر في التدابير الوطنية والدولية لمعالجة المشاكل التي تفرضها الأسلحة الحارقة.
قالت دوكرتي: "على الحكومات اغتنام هذه الفرصة للتأكيد على مخاوفها بشأن الأسلحة الحارقة، ومناقشة سبل تعزيز القانون لحماية المدنيين بشكل أفضل. لا شك أن الحظر الكامل للأسلحة الحارقة يحقق أعظم الفوائد الإنسانية".